الأحد، ٢٩ يونيو ٢٠٠٨

صندوق المدخرات

بســــــــم الله الرحمـــــن الرحيـــــــــم




تخيل نفسك الآن تسكن في مكان أخذ "أمر إزالة" ولديك صندوق تدخر به مال لكي تشتري به منزلاً جديداً تستقر فيه وتنعم فيه بالسعادة
و إلي حين أن يأتي موعد الشراء فبإمكانك أن تزيد من مالك أو تنقصه و بإمكانك أيضاً أن تتضيع ما فيه

وكلما كان المال الذى ادخرته كثيرا كلما كان المنزل الذى ستشتريه أكبر وأعظم ، والعكس ... كلما كان المال الذى ادخرته قليلا كلما كان المنزل الذى ستشتريه أقل درجة .
أما إذا نفذ المال تماماً فربما لن تستطيع شراء أى منزل على الإطلاق !!

فالمكان الذى تسكن فيه الآن : هى الدنيا دار الفناء
والصندوق الذي تدخر فيه : هو قلبك
والمال : هو الإيمان الذي بقلبك
والمنزل الذى تريد شرائه لتسعد وتنعم فيه : هو منزلك فى الجنة دار الخلد والنعيم المقيم

قد يحاول أحد أن يقنعك أنك طالما آمنت بالله فهذا شئ ثابت لا يزيد ولا ينقص

ولكن الإيمان تصديق بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالجوارح والأركان ، ويزيد بالطاعات وأعمال البر وينقص بنقصانها وبالمعاصي والآثام !!

قال تعالى
{هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ }
{ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا }
{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ}

فالطاعات متنوعة على حسب اختلاف أنواع البر ونستطيع حصرها فى اتباع هدي النبي صلي الله عليه وسلم لأنه أكمل خلق الله إيمانا

قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
" الإيمان بضع وسبعون أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذي عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان "

و قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
"عليكم بالصدق فإن الصدق يهدى إلى البر وإن البر يهدى إلى الجنة وإن الرجل يصدق حتى يكتب عند الله صديقا"

فالنتأمل التدرج في هذا الحديث الشريف فكلما زاد البر كلما زاد الإيمان


وهناك أشياء تقوي الإيمان في القلوب ألا وهي التأمل والتدبر في آيات الله ومعرفة اسرار الكون وإعجازه

فإبراهيم عليه السلام كان مؤمنا بإحياء الله الموتي حين دعا ربه أن يريه كيف يحيها ، كما قال تعالي
{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي }


فمقام الطمأنينة في الإيمان يزيد علي ما دونه من الإيمان المطلق قوة وكمالاً


وقد وصف الله سبحانه وتعالي الكاملين فى إيمانهم الصادقين فيه بخمس صفات فمن لم يتصف بها كلها أو ببعضها فهو ناقص الإيمان

قال تعالى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}

فالوجل عند ذكر الله ، وزيادة الإيمان عند تلاوة القرآن ، والتوكل علي الله من أعمال القلوب ، أما إقامة الصلاة فهي عبادة بدنية ، وإنفاق المال فى الوجوه المشروعه هو العبادة المالية

وبتحقق العبادات الثلاث القلبية والبدنية والمالية يكون كمال الإيمان


أما المعاصي وآه من المعاصي
فهي السوس الذي يأكل الحسنات
فإذا كانت الطاعات تجلب الحسنات وتزيد الإيمان فالمعاصي تجلب السيئات وتنقص الإيمان بل وأحيانا تجلب غضب الله وسـخطه

والمعاصي هى فعل ما حرم الله واتباع الهوي

قال تعالي
{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً}

فمن يتبع هواه اتباع مطلق يختم علي قلبه فلا يكون في قلبه مثقال ذرة من إيمان .. والعياذ بالله !!



أعلم أن هذا الموضوع يطول فيه الحديث وأعلم أننى أوجزت فيه وربما أكون قد قصرت فى حق التحدث عنه
ولكننى لست الآن بصدد تأصيل علمي لحقيقة الإيمان
ولكن أحببت أن ألفت نظر أحبابي فى الله عن حقيقة زيادة الإيمان ونقصه في القلوب

وبعد أن ذكرت نفسي وإياكم بزيادة الإيمان
ادعوكم لكى نكشف علي الإيمان داخل قلوبنا ونرى مدى قوته ومدي ضعفه
فإذا كان ضعيفا نحاول ان نعرف السبب ونقوم بعلاجه وإذا كان قويا نسارع فى تقويته أكثر وأكثر
حتى نستطيع الوصول به إلي أعلي الجنان
وننعم بصحبة كامل الإيمان محمد صلي الله عليه وسلم