بسم الله الرحمن الرحيم
فى صلاة الوتر عندما بدء الإمام بدعاء القنوت رفعت يدي وأنا أأمن
وفى لحظة نظرت إلى يدي وتأملتها فأعجبتنى كثيراً وكأنى أول مرة أراها .. فهى ذات بشرة نضرة مشرقة متينة تدب فيها الحياة
ثم
فجـــــــــأة
تخيلتها ســـــــوداء متفحمه
يـــــا الله
هل من الممكن أن يصبح هذين الكفين أسودين ويحترقان ويفقدا جمالهما
وإذا حدث ذلك فما هى حجم الآلام التى يستعرضان لها ؟؟
وماذا عن بقية الجسد ؟؟؟
صرخت من داخلى
إنه جسدى لا أريده يحترق .... لا لا ... لا أريده يتألم
انتبانى خوف وفزع شديد .. وارتجفت يداي وارتجف معها قلبى بل كل خليه فى جسدى
حاولت أن أهدء وأن أنسى قليلاً فكرة أنهما محترقان
ثم عاودت النظر إليهما مجددا
وفجــــــــأة
تخيلتهما عظام بالية .... مجرد عظام
أين ذهب لحم يدى أين ذهبت البشرة النضرة ؟؟؟ لقد أكلها الدود
ليس اللحم فقط الذى سيختفى بل العظم أيضا سيتحلل ويتحول إلى تراب
شعرت بألم شديد من داخلى وامتعاض كبير
يااااااااه
كم أنا ضئيلة بلا قيمة ... كم أنا ضعيفة ذليلة ... لم يتبقى منى سوى تراب
كاد أن ينفطر قلبى من البكاء ... وللحظة تخيلت شكل الحياة من بعدى هل سيندثر أثرى منها كليتاً
فتذكرت قول الشاعر
ما من كاتب إلا ويفنى ويبقى الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بيدك غير شيء يسرك في القيامة أن تراه
فرحت وشعرت بشئ من الاطمئنان و السعادة ولا أعرف لماذا !! ؟؟
ربما لمجرد فكرة بقاء شئ منى .. ولكن يا ترى هل سيبقى خير ينفعنى أم شر يجلب لى الحسرة والندامة
حاولت أن أهدئ من روعى ... وأقول لنفسى الموت كالنوم ولن أشعر بفناء جسدى ولا ببلاء عظمى
فحاولت أن أبعد هذا الشعور عنى ولو
قليلاً
ثم عاودت النظر إليهما .. فابتسمت واشفقت عليهما مما سيعتريهما بعد الموت الذى لا فرار منه
{قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}
وقلت لماذا الموت الآن وقد يطول بى العمر ؟؟؟
نعم قد يطـــ
ولكن إذا طال بى العمر هل ستحتفظ هذه البشرة بنضارتها ؟؟؟
كـــــلاااااااااا
بل سينكمش الجلد وتتجعد البشرة وستصبح يد عجوز فاقدة لجمالها واشراقتها
قلت فى نفسى أعوذ بالله ... ما هذا المظهر !!لا أرغب أن تصبح يدى هكذا
تذكرت قول الحبيب صلى الله عليه وسلم
اغتنم خمسا قبل خمس حياتك قبل موتك وصحتك قبل سقمك وفراغك قبل شغلك وشبابك قبل هرمك وغناك قبل فقرك
نعم لابد أن اعرف أننى الآن فى غنيمة ..... وأن مرحلة شبابى ليست للترفيه بل للاختبار
حمدت الله على أننى مازلت فى مرحلة الشباب واسعتذت من مرحلة العجز والشيخوخة
وقلت فى نفسى طالما مازلت فى شبابى فلا داعى للقلق فستبقى بشرتى نضرة ولن تتجعد وستحتفظ بـجمـــ
لا لا هذا ليس صحيح توقفت عن هذا التفكير
ربما يصيب الجسد مرض ما ... فتضعف هاتين اليدين ويتغير لونهما ويصبح أصفر باهت شاحب
كم أنا فى نعم كثيرة شباب وصحة الحمد لله الذى عافانى مما ابتلى به كثير من عباده
وبعد أن حمدت الله .. شعرت أن جسدى كله يرتجف
فلأول مرة حقيقتاً
أشعر بهذا الشعور الذى أبان لى مدى ضعفى وقلة حيلتى .. وأن جسدى وتلك اليدين ليسوا ملكى .. بل ملك خالق كل شئ رب العزة سبحانه
وأنا أكتب الآن
حركت أصابعى وفرحت بأنها بحالة جيدة يكفينى الآن على الأقل .. وعندما مسكت القلم تخيلت أن يدى لا تستطيع الحركة ولا تستطيع الكتابة
يا الله .. كم نحن فى نعم كثيرة
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
ماذا لو كانت غير موجودة بالمرة ؟؟ كيف سيكون شكل حياتى ؟؟
الحمد لله رب العالمين
اللهم لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك
وأخيراً
خاطبت نفسى وقلت لماذا تخيلتى يديك فى أبشع الصور ولم تعطيها حقها فى أن تتخيليها فى أحسن صورة وأفضل حال
نعم هناك الجنة ... ما رأيك لو تخيلتيها وهى فى الجنة
ما رأيك لو تخيلتيها والاساور تلمع بها .. والنور يخرج منها .. والعطر يفوح منها
اللهم إنى أسألك الجنة وأعوذ بك من النار
لا أدرى بماذا أختم كلامي
ولكن فقط هذا ما شعرت به عندما نظرت إلى يدى